تختزن الهواتف الذكية في داخلها إمكانات كبيرة لرصد وتتبع سلوك المستخدمين من أكثر من ناحية، ويحاول تطبيق «ساجا» الاستفادة منها لتقديم تأريخ لحياة مستخدميه، مثل الأماكن التي يترددون عليها، والأنشطة اليومية التي يمارسونها بصورة آلية، ومن دون اضطرار المستخدم إلى إدخال البيانات بنفسه، كما يدرس التطبيق نمط حياتهم المعتاد ليقترح أنشطة مناسبة.
ولا يكتفي تطبيق «ساجا»، المُتاح لنظامي «آي أو إس» و«أندرويد»، برصد موقع المستخدم على نظام تحديد المواقع العالمي أو «جي بي إس» فقط، بل يحاول التقليل من استخدامه قدر الإمكان مقابل الاستفادة من أدوات الاستشعار الأخرى المتاحة في الهاتف، مثل الكاميرا ومُكبِّر الصوت ومقياس الضغط الجوي أو «البارومتر»، وكذلك ما تسجله تطبيقات أخرى مثل تلك المتخصصة لمتابعة أداء المستخدم لتمارين اللياقة البدنية، وتحديثات الشبكات الاجتماعية المختلفة.
ويمكن من خلال البيانات التي يجري جمعها من أدوات مثل مُكبرات الصوت ومُستشعر الضوء في الكاميرا الاستدلال على مكان المستخدم كوجوده في قاعة مؤتمرات أو في أحد المقاهي أو في الهواء الطلق، وما إذا كان بمفرده أو بصحبة أحد، وتستخدم نسخة «ساجا» لنظام «أندرويد» مقياس البارومتر أو مقياس الضغط الجوي، الموجودة في بعض أنواع الهواتف الذكية، لتحديد موقع المستخدم بدقة في الأماكن القريبة من بعضها البعض؛ فاختلاف مستوى الضغط يُظهر الفارق بين الطابق الأول والثالث في مبنى واحد، وبين داخل السيارة وخارجها، على سبيل المثال.
وبعد فترة من استخدام «ساجا» يُقدم جداول ورسوماً بيانية عن أنشطة المستخدم، مثل الأوقات المختلفة التي يغادر فيها إلى العمل، والزمن الذي يستغرقه في وسائل المواصلات، كما يقارن ذلك بالمستخدمين الآخرين، ويتوقع المكان الذي يود المستخدم الذهاب إليه ليقترح أفضل طريقة للوصول أو أماكن قريبة يذهب إليها، ويشبه في ذلك بعض ما يتيحه المساعد الشخصي مثل «سيري» و«غوغل ناو».
ويتميز التطبيق بانخفاض استهلاكه للطاقة من خلال التنسيق بين عدد من أدوات الاستشعار المتاحة في الهاتف؛ إذ يستهلك نحو 1٪ من طاقة البطارية، وهو قدر يقل عن بعض التطبيقات الشائعة مثل الخرائط والبريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية، بحسب الرئيس التنفيذي لشركة «إيه آر أو»، المسؤولة عن تطوير التطبيق، أندي هيكيل.
وقال هيكيل إنه «مع رصد التطبيق بقاء المستخدم في العمل لتسع ساعات متواصلة، على سبيل المثال، يمكنه التخفيف من جمع البيانات، بحيث يستخدم أقل قدر ممكن من الطاقة، وعلى العكس، عند رصد مؤشر التسارع المدمج في الهاتف لحركة المستخدم، يبدأ «ساجا» عمله والتأكد من الموقع بالاستعانة بالتغيير في شبكة الاتصال اللاسلكي «واي فاي» التي يقع الهاتف في نطاقها.
وتختبر شركة «إيه آر أو» تحديثاً لـ«ساجا» يُتيح له جمع بيانات عن الأصوات والإضاءة في محيط المستخدم للاستدلال منها على الموقع.
وقال المسؤول عن تطوير نسخة «أندرويد»، لان كليفتون، إن «في استخدام مكبر الصوت لجمع بصمات صوتية من الأماكن المختلفة إشارة قيمة لتحديد الموقع الجغرافي بدقة، وبالتالي استنتاج ما يقوم به المستخدم».
وتتجه «إيه آر أو» إلى البحث عن طرق مختلفة للحصول على عائدات؛ فبدأت تأجير بعض تقنياتها لشركات أخرى ترغب في دراسة سلوكيات المستخدمين، كما تسعى إلى تحليل البيانات المسجلة لأنشطة مستخدمي التطبيق.
ويرى الباحث في استشعار الهواتف الذكية في كلية «دارتموث» الأميركية، أندرو كامبيل، أن «المستقبل سيشهد إقبالاً على (ساجا) والتطبيقات المماثلة التي تُعنى بتسجيل حياة المستخدمين، مع تخليصهم من عبء تسجيل البيانات بأنفسهم».
ويعمل كامبيل على تجربة مشابهة يشارك فيها 60 طالباً، باستخدام تطبيق «بيورهيثم» الذي يجمع بيانات حول حياة المشاركين بآليات متنوعة، منها رصد الأصوات المحيطة التي قد تشير إلى الاندماج في محادثة، ومن خلال ذلك يمكن الوصول لتحليلات تربط بين نشاط الطالب وإدائه الدراسي وطبيعة شخصيته من حيث الميل إلى الاختلاط بالآخرين والحالة الصحية.